الاثنين، 16 مايو 2011

سورة الحجرات ... المدنية صورة فى سورة

إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) الحجرات

تنزل القرآن على النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم بمكة المكرمة بآياتٍ محكمات  تدعوا إلى عبادة الله الواحد الأحد واشتملت على دلائل وجوده كما أن السور المكية ميزت بين الحق والباطل وبين الجنة والنار، وبها من القصص ما يثبت بها أفئدة المؤمنين وبيان العبر والدروس من السلف من الرسل والأقوام الذين سبقوهم وظل هذا الحال لمدة ثلاثة عشر عاماً إلى أن أذن الله لروسله بالهجرة إلى يثرب لتكون نواة المجتمع الإسلامى
وسبحان الله فقد قام قائد الدولة الإسلامية الجديدة محمد بن عبدالله الهاشمي بشئٍ لم أنتبه إليه إلا مؤخراً فقد قام بتغيير إسمها من يثرب إلى "المدينة المنورة" لتكون إشارة عبر مر العصور أن الدولة فى الإسلام مدنية حتى وإن كان على رأسها خاتم المرسلين
صروة قديمة للمدينة المنورة

لأن الإسلام الدين الوسط فقد أراد الله أن تنشأ هذه الدولة الإسلامية فى مجتمع وسطي كأى مجتمع متحضر ، فيه من التنوع ما بين اهل البلد الأصليين (الأنصار) والوافدون (المهاجرين) الذين أخى الرسول بينهم وجعلهم أخوة ،و فيها العربى والفارسي كسلمان والرومي كصهيب ، بالإضافة للمسلمين كان في المدينة أهل الكتاب (يهود ونصارى كما أسماهم القرآن) والمجوس مثل أبو لؤلؤة قاتل عمر بن الخطاب ، وفيها المنافقون والمؤمنون .
المدينة المنورة كانت مجتمعاً منتجاً به من يشتغل بالزراعة أوالصناعة أوالتجارة ...و لم يكن هذا المجتمع ملائكة تمشى على الأرض بل كانوا بشراً منهم الصحابة وغيرهم... بل تعددت في هذا المجتمع  صوراً كثيرة من الحوادث التى قد يقع فيها أي مجتمع آخر مثل السرقة أوالزنا  أوالنميمة وقصف وإفك، كما شهدت هذه الفترة انتصارات وتوزيع للغنائم كما شهدة نكسات وقرح وخسائر فى الأرواح وفتن.

لذلك فقد اتجه القرآن الكريم في السور التى أُنزلت بالمدينة المنورة إلى إرساء القيم العظيمة فى الإسلام وإلى وضع الأحكام وتعريف الحدود ووضع خارطة طريق لعلاقة المسلمين فيما بينهم أومع من غيرهم  ولعل أحد تلك السور التى استوقفتنى هى سورة الحجرات ذات الثمانية عشر آيه التي حينما تقرأها تشعر وكأنها نزلت الآن وليس من أربعة عشر قرناً... فهى تحاضر واقعنا وتخاطب أبناء جيلنا فى هذه الفترة العصيبة التى نمر بها ... بها من الشرائع ما يكفى لتكن المادة الأساسية لدستورٍ نصبوا إليه، وبها من القيم ما هو شفاءٌ لأمراض مجتمعنا، وبها من الأحكام ما يحل على بلادنا بالأمان والرخاء.

قبل أن أسرد بعض أيات هذه الصورة وأحاول أن أعكس مدلولها على واقعنا الحالي دعونا نتفق أنني لا أفسرها لأنني لست أهلاً لذلك ولكنى فقط أحاول الربط بينها وبين ما يحدث من حولنا وكيف لنا أن نستمد العبر والأحكام من تلك السورة العظيمة بالفعل من أجل وطن أفضل. كما أننا متفقون على القياس بمعنى أنه لا يحل أحد مكان الرسول الكريم ولكنه فى هذه الآيات رمزاً للقائد وولي الأمر والمسلمون الذين يخاطبهم الله فى السورة هم أبناء الوطن ... لن أضرب أمثلة ولكن يمكنك أيها القارئ بسهولة أن تربط بين هذه الآيات وبين ما يحدث الآن

بسم الله الرحمن الرحيم
·         يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ
هنا إعلاءً لمكانة القائد أو القائمين على أمر البلاد فلا يجب للعوام أن يكونوا على عجلة من قضاء إمرٍ إلا بعد الرجوع إلى أولي الأمر
·         يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ
كما عودنا الدين الحنيف دائماً وأبداً التحلي بالأخلاق العظيمة وأن نوقر الكبير وننزل الناس منازلهم وما من أمة تخلت عن قيمة الإحترام إلا وذهبت عنها جُل الفضائل
·         يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين
لا تحتاج الآية إلى تفسير ولكن وبدون مبالغة إذا نظرنا فى واقعنا المرير وكم الفتن التى ننكوي من نارها هذه الأيام نجدها من الأساس مبنيةُُ على أخبارٍ مغلوطة دسها لنا الأعداء أو وشايات تكاد تعصف بالوطن من الأساس وتجرفنا إلى حروب أهلية لذلك ينبغى علينا جميعا ألا ننساق إلى أى خبر دون التحقق منه ، وإذا ما تحققنا يجب أن نعود إلى أولي الأمر كما أشرت فى الآية الأولى وألا نتعجل بأمرنا فنجد أنفسنا فى موقف لا نحسد عليه
·         وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ
إن صمت ولى الأمر أو القائد لا يعنى دائماص الضعف أو الغفلة ولكنه محيطٌ بما لم يحط به العامة من بواطن الأمور لذلك لا يجب أن تنفذ جميع طلبات العامة ،،، هنا يتحتم علي أن أضرب مثلاً للتوضيح فقد تعالت أصوات المصريين المضادة لدكتور مفيد شهاب لترشحة  لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية وهو ما أدى إلى سحب هذا الإسم وطرح مصطفى الفقى وبالفعل تعالت الأصوات مرة أخرى وكانت النتيجة التى تبدوا كالعقان أننا كدولة خسرنا وزيراً للخارجية من الطراز الأول وهو نبيل العربى
·         وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين
دعوة صريحة للمجتمع أن يكون حكماً صالحاً متعايشاً مع جيرانه وأن يظهر الحق وأن يكون أداة صلحٍ بين الطوائف
·         يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
 ما هذا القرآن وعظمته مرة أخرى يدعونا إلى الإحترام وعدم السخرية من أقوامٍ أخرى وهنا يستخدم لفظ قوم لبييان الإخلاتف فلا يجب علينا أن نسخر من غيرنا ولا يجب علينا قذف الآخرين بالإتهامات ولا يجب أن نتمادى فى إسنخدام قوائم العار أو القوائم السوداء لأننا لا ندرى من أفضل من مَن ... ويخص القرآن النساء مرة أخرى بهذا الأمر لما لدى النساء من شغف فى النميمة
·         يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ
لا أجد أبلغ من المثل الذى ضربه القرآن فسوء النية إثم والغيبة وذكر المرء لغيره بما لا يحب فهو مثل الأكل من لحمه ميتاً
·         يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير
لو أننا استخدمناها للدفاع عن الإسلام فى قضايا التعايش وع الآخر وتهم الإرهاب لكفت
·         إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ
يخص الله المؤمنين الصادقين فقط بتلك الفئة العاملة المجتهدة التى تبذل قصارى جهدها لخدمة الوطن والدين والمجتمع أما هؤلاء الكسالى الذين لا يجتهدوا فهم خارج هذه الدائرة الصادقة

لعل هذه السورة المدنية قد ضربت مثالاً جيدا للدولة المدنية فى الإسلام وتكون دافعاً للمغالين عن الدين أن يعتدلوا وتكون مطمئنةً لمن يتوجس من الإسلام خيفة  أنه ضد المدنية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق